هل تصوم النباتات كما نصوم؟
هل فكرت في هذا الأمر؟ وهل نحن الوحيدين الذين خصنا الله بالجوع والعطش لعدة ساعات يوميا خلال شهر رمضان دونا عن باقي خلقه ؟
الإجابة لا فنحن لسنا الوحيدون المختصون بالصيام بل تصوم معنا كل المخلوقات الأخري صياما أطول وأشد قسوة وتتحمل مشقته بدرجات مختلفة حسب نوع الكائن ولا طاقة لنا نحن البشر بصوم هذه المخلوقات الأخري؟ فإذا اتفقنا أن الصوم يعني في الأساس الامتناع عن الأكل والشرب فيكون الصوم في النباتات سنة متبعة ولكن كيف؟
نحن نعرف أن النباتات والكائنات الدقيقة لا تستطيع أن تأكل مثلنا بل تتناول طعامها اليومي من خلال ذوبان العناصر الغذائية في الماء، ولذلك إذا شح الماء أو جف توقف النبات عن الأكل أو امتصاص العناصر الغذائية من التربة وبدأ مرحلة الصوم التي قد تستمر يوما أو أياما أو شهورا، ومن النباتات ما يستطيع تحمل العطش أيام قليله ومنها من يتحمله لشهورأو لسنوات كبعض النباتات الصحراوية، لذلك فالصوم سمة من سمات النباتات.
ولكن ماذا تفعل النباتات عند غياب الماء وبدأ مرحلة الصوم وماذا يحدث في داخلها ؟ دون الدخول في معادلات كيماوية وشرح تفصيلي لتأثر الجفاف على العمليات الفسيولوجية للنبات والذي ندرسة لطلبة الجامعة والدراسات العليا بالتفصيل اختصر الأمر في السمات العامة لصوم النباتات وفوائده ومضاره في التالي : يجب أن نعرف أولا أن كل نبات تراه فوق سطح الأرض يوجد له جذور تحت سطح التربة حجمها 50-80% من النمو الذي تراه وهذه الجذور قليله وضحلة التعمق في التربة في النباتات الحولية مثل القمح والشعير والبتونيا بينما تكون ضخمة جدا ومتعمقة في التربة في الأشجار مثل الكافور والكازوارينا والصفصاف، لذلك يكون مخزون الماء في الجذور الصغيرة محدود جدا وتظهر عليها معالم الصوم سريعا بينما تتأخر هذه المعالم جدا في النباتات الكبيرة المستديمة. عندما تجف التربة من الماء يتوقف تماما وصول الغذاء للنبات وتبدأ مرحلة الصوم وتستطيع بعض النباتات مواصلة النمو بدرجة لا تزيد عن 20% من المعدل الطبيعي اعتمادا على المخزون في جذورها حتي يتوفر الماء وتنتهي فترة الصيام، وإذا كانت هذه الفترة قصيرة فإن من فوائد هذا الصيام هو زيادة تركيز المواد الغذائية في هذا النبات فيكون أكثر فائدة عند التغذية عليه بينما لو طالت فترة الصيام بدرجة لا يتحملها النبات فإن العناصر الغذائية مثل النيتروجين والسكريات تهرب من الأوراق والساق إلى الجذور ويكون النبات فقيرا في المواد الغذائية، وفي حالة غياب الماء لفترة أكبر يتحول الصيام إلى كارثة بالنسبة للنبات فيبدأ في الشيخوخة المبكرة ثم يجف ويموت.
أما كيف يتعامل النبات مع الصيام أو الجفاف فهذا موضوع يطول شرحه حيث خلق الله النباتات ودعمها بآليات وحيل تجعلها تعوض كثيرا عدم قدرتها على الحركة والهروب من الظروف التي تقابلها من جفاف وتباين في درجات الحرارة وهجوم للكائنات الأخرى عليها كما نفعل نحن وسأشرح هذا الموضوع في مقال لاحقة طول شهر رمضان بإذن الله وحتي لا أطيل عليكم وأنتم صائمون.
والخلاصة أنك لستم وحدكم أخي وأختي الصائمون فكل المخلوقات حولك تصوم صوما أشد منا وتتحمل العطش والجوع والقيظ فهذه سنة الله في خلقه ولا شك أن الله فرض الصوم على مخلوقاته لأن فيه الكثير من المنافع لها.
د. محمد المليجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق